بشرى مبارك ادريس تنقساوي ذهبي
عدد المساهمات : 511 نقاط : 939 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 01/09/2011
| موضوع: اليوم ننجيك ببدنك لكى تكون لمن خلفك آية الخميس 27 أكتوبر 2011 - 5:01 | |
| اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية
مصير سبق إليه الشهر الماضي الرئيس التونسي الذي لم يجد من الهرب بدّا فنجا هو الآخر ببدنه مخلفا أمثولة في أنّ الشعوب أبقى وأقوى من الطغاة متى صح منها العزم.
وإنّ مثل مبارك في شعبه كمثل زين العابدين إذ قال له شعبه أصلح، فأبى أن يكون من المصلحين. ألا بعدّا لمبارك وبعدّا لزين العابدين قال الشعبان الثائران. إذ لم يمض شهر على انتفاضة تونس حتى خرجت الثورة في مصر خروج الوردة من أكمتها.
خرجت الثورة من الحواري الفقيرة.
ومن أحلام العاطلين المجهضة.
ومن شباب الطبقة الوسطى الذين ظنت بهم الظنون وأدخروا لأدوار ليس من بينها الانشغال بالسياسة والهم العام..
خرجت الثورة من أمة ضاقت بحاضرها وخافت من مستقبلها وفرت كثيرا إلى ماضيها به تتعزى.
أمة كان قدرها أن تكون قائدة ورائدة فرأت نفسها في ثلاثين سنينها الخالية يتراجع شأنها بين العالمين ويضج مفكروها ومثقفوها بالشكوى يقولون ليست هذه مصر التي نعرف.
ثلاثون عاما بدأت بلحظة خاطفة يوم قررت جماعة على طريقتها أن تصحح ما بدا لها مسارا خاطئا أوغلت فيه البلاد فاغتالت الرئيس أنور السادات.
مبارك الذي ظل نائبا للرئيس السادات منذ عام خمسة وسبعين لم يكن يتوقع أن تكون أقداره بذلك السخاء. فلا مكان في مصر للانقلابات العسكرية الكلاسيكية والحال كذلك فإنّ كبار الضباط لا يحلمون بغير وظيفة دبلوماسية أو ملحقية عسكرية في بلد ما يكون بها حسن الختام.
لكن مبارك أصبح رئيسا لجمهورية مصر في أكتوبر عام واحد وثمانين.
ثلاثون عاما كان مبارك خلالها هو العنوان السياسي الأوحد لمصر..
لم ينصحه خلالها الأصدقاء الحلفاء سدنة الديمقراطية وحقوق الإنسان أنّ عشرة سنين في الحكم تكفي، أو أنّ ربع قرن أكثر مما يطيق شعب. وقديما قيل إن من يعش ثمانين حولا لا أبا لك يسأم.. لكن مبارك الثمانيني كان حريصا على السلطة ينتقل بين كل دورة حكم وأخرى انتقالا سلسا تضمنه انتخابات معلولة وصناديق كاذبة خاطئة.
كل ذلك كان يجري باسم الديمقراطية وفي وفاء تام لمطلوباتها الشكلية.
استطاع مبارك ورجاله التوصل إلى الصيغة السحرية لإحكام السيطرة على الدولة عبر مزواجة نفوذ السياسة بنفوذ المال لتبدأ دورة التهميش السياسي للشعب ولأحزابه ولتنظيماته المدنية.
ولأنّ شرط السيطرة على السلطة في ذهن حاكم يعتقد أنّ التداول عليها يتمّ بينه وبين الموت أو بينه وبين أبنه فقد تفنّن نظام الحكم في إضعاف المعارضة وإرهابها.
أبقى مبارك على قانون الطوارئ الحاكم للبلاد منذ عام واحد وثمانين وهو قانون مقيد للطلاقة السياسية.
وتحوّلت مجالس الشعب حيث يفترض أن تقع الرقابة على الأداء التنفيذي بالإضافة إلى النهوض بالمهام التشريعية إلى مسرح لاستعراض سطوة الحزب الحاكم حيث لا مكان لصوت الشعب في مجلس الشعب.
ولم تكن مناهضة التعديلات الدستورية في ألفين وسبعة فقط لأنها تكبّل الأحزاب بألف قيد وتحول بينها وبين التمثيل النيابي ولكن لأنها كانت أيضا تمهّد الطريق أمام جمال مبارك لخلافة والده.
وكانت حصيلة ثلاثين عاما من حكم مبارك أن تردّت السياسة وافتقر المواطن والوطن.
اتسعت أحزمة الفقر وتزايدت جيوش العاطلين وانسدت الآفاق في وجه الملايين من المصريين الذي وجدوا أنفسهم تحت خط الفقر.
وقد ألفت مصر على عهد مبارك الدعم الدولي خاصة الأمريكي حتى أصبح بندا ثابتا في الميزانية وهو ما تأذّى منه المصريون ورأوه خصما من كرامتهم الوطنية. كانت مصر على عهد مبارك قد أصبحت حالة صارخة في إدمان العون والعطايا الدولية.
ولا يكون دعمٌ بغير ثمن وقد دفعت مصر على عهد مبارك أثمانا في السياسة باهظة. وتحوّلت مصر من جراء ذلك كله ضمن آخرين إلى مقاول سياسي معتمد لعملية السلام غير المنتجة للسلام.
وصارت مصر مبارك تمسك بمفاتيح بوابة رفح في موقف مناهض للمشاعر الوطنية المصرية تجاه حصار غزة ومجمل الموقف من القضية الفلسطينية.
ثلاثون عاما تراجع خلالها دور مصر القومي. وتقزّمت خلالها أحلام المواطن المصري في الرفاه والتقدّم والديمقراطية والحرية.
ثلاثون مرت ثم وقع لمبارك أنّ الشعب لم ينل حظه موفورا من أي شيء.
صوت مبارك.
أعي الأسباب وراء المظاهرات... الخ.
كذلك قال زين العابدين من قبل.
أفلا يزال في مدرسة القادة والزعماء من لم يفهم الدرس بعدُ على بساطته..؟
فوزي بشري
تقرير بُثّ على قناة الجزيرة
رد: من ابداعات فوزي بشري الصحفي السوداني في قناة الجزيرة القطرية (مكتوبة)
--------------------------------------------------------------------------------
اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية
مصير سبق إليه الشهر الماضي الرئيس التونسي الذي لم يجد من الهرب بدّا فنجا هو الآخر ببدنه مخلفا أمثولة في أنّ الشعوب أبقى وأقوى من الطغاة متى صح منها العزم.
وإنّ مثل مبارك في شعبه كمثل زين العابدين إذ قال له شعبه أصلح، فأبى أن يكون من المصلحين. ألا بعدّا لمبارك وبعدّا لزين العابدين قال الشعبان الثائران. إذ لم يمض شهر على انتفاضة تونس حتى خرجت الثورة في مصر خروج الوردة من أكمتها.
خرجت الثورة من الحواري الفقيرة.
ومن أحلام العاطلين المجهضة.
ومن شباب الطبقة الوسطى الذين ظنت بهم الظنون وأدخروا لأدوار ليس من بينها الانشغال بالسياسة والهم العام..
خرجت الثورة من أمة ضاقت بحاضرها وخافت من مستقبلها وفرت كثيرا إلى ماضيها به تتعزى.
أمة كان قدرها أن تكون قائدة ورائدة فرأت نفسها في ثلاثين سنينها الخالية يتراجع شأنها بين العالمين ويضج مفكروها ومثقفوها بالشكوى يقولون ليست هذه مصر التي نعرف.
ثلاثون عاما بدأت بلحظة خاطفة يوم قررت جماعة على طريقتها أن تصحح ما بدا لها مسارا خاطئا أوغلت فيه البلاد فاغتالت الرئيس أنور السادات.
مبارك الذي ظل نائبا للرئيس السادات منذ عام خمسة وسبعين لم يكن يتوقع أن تكون أقداره بذلك السخاء. فلا مكان في مصر للانقلابات العسكرية الكلاسيكية والحال كذلك فإنّ كبار الضباط لا يحلمون بغير وظيفة دبلوماسية أو ملحقية عسكرية في بلد ما يكون بها حسن الختام.
لكن مبارك أصبح رئيسا لجمهورية مصر في أكتوبر عام واحد وثمانين.
ثلاثون عاما كان مبارك خلالها هو العنوان السياسي الأوحد لمصر..
لم ينصحه خلالها الأصدقاء الحلفاء سدنة الديمقراطية وحقوق الإنسان أنّ عشرة سنين في الحكم تكفي، أو أنّ ربع قرن أكثر مما يطيق شعب. وقديما قيل إن من يعش ثمانين حولا لا أبا لك يسأم.. لكن مبارك الثمانيني كان حريصا على السلطة ينتقل بين كل دورة حكم وأخرى انتقالا سلسا تضمنه انتخابات معلولة وصناديق كاذبة خاطئة.
كل ذلك كان يجري باسم الديمقراطية وفي وفاء تام لمطلوباتها الشكلية.
استطاع مبارك ورجاله التوصل إلى الصيغة السحرية لإحكام السيطرة على الدولة عبر مزواجة نفوذ السياسة بنفوذ المال لتبدأ دورة التهميش السياسي للشعب ولأحزابه ولتنظيماته المدنية.
ولأنّ شرط السيطرة على السلطة في ذهن حاكم يعتقد أنّ التداول عليها يتمّ بينه وبين الموت أو بينه وبين أبنه فقد تفنّن نظام الحكم في إضعاف المعارضة وإرهابها.
أبقى مبارك على قانون الطوارئ الحاكم للبلاد منذ عام واحد وثمانين وهو قانون مقيد للطلاقة السياسية.
وتحوّلت مجالس الشعب حيث يفترض أن تقع الرقابة على الأداء التنفيذي بالإضافة إلى النهوض بالمهام التشريعية إلى مسرح لاستعراض سطوة الحزب الحاكم حيث لا مكان لصوت الشعب في مجلس الشعب.
ولم تكن مناهضة التعديلات الدستورية في ألفين وسبعة فقط لأنها تكبّل الأحزاب بألف قيد وتحول بينها وبين التمثيل النيابي ولكن لأنها كانت أيضا تمهّد الطريق أمام جمال مبارك لخلافة والده.
وكانت حصيلة ثلاثين عاما من حكم مبارك أن تردّت السياسة وافتقر المواطن والوطن.
اتسعت أحزمة الفقر وتزايدت جيوش العاطلين وانسدت الآفاق في وجه الملايين من المصريين الذي وجدوا أنفسهم تحت خط الفقر.
وقد ألفت مصر على عهد مبارك الدعم الدولي خاصة الأمريكي حتى أصبح بندا ثابتا في الميزانية وهو ما تأذّى منه المصريون ورأوه خصما من كرامتهم الوطنية. كانت مصر على عهد مبارك قد أصبحت حالة صارخة في إدمان العون والعطايا الدولية.
ولا يكون دعمٌ بغير ثمن وقد دفعت مصر على عهد مبارك أثمانا في السياسة باهظة. وتحوّلت مصر من جراء ذلك كله ضمن آخرين إلى مقاول سياسي معتمد لعملية السلام غير المنتجة للسلام.
وصارت مصر مبارك تمسك بمفاتيح بوابة رفح في موقف مناهض للمشاعر الوطنية المصرية تجاه حصار غزة ومجمل الموقف من القضية الفلسطينية.
ثلاثون عاما تراجع خلالها دور مصر القومي. وتقزّمت خلالها أحلام المواطن المصري في الرفاه والتقدّم والديمقراطية والحرية.
ثلاثون مرت ثم وقع لمبارك أنّ الشعب لم ينل حظه موفورا من أي شيء.
صوت مبارك.
أعي الأسباب وراء المظاهرات... الخ.
كذلك قال زين العابدين من قبل.
أفلا يزال في مدرسة القادة والزعماء من لم يفهم الدرس بعدُ على بساطته..؟
فوزي بشري
تقرير بُثّ على قناة الجزيرة
| |
|